برنامج تدريب لمدراء المدارس الانجيلية في قبرص. في اطار تطوير العمل التربوي في المدارس الانجيلية، نظمت رابطة المدارس الانجيلية في لبنان دورة تدريبية في قبرص للكادر الاداري في مدارسها حول تطبيق برنامج تقييم التطور الاكاديمي MAP الذي سوف يخدم اكثر من ٤٠٠٠ تلميذ في مختلف المناطق اللبنانية ويساعدهم على تخطي الصعوبات التعليمية في المواد المختلفة عن طريق تفريد التحصيل التعلّمي والإبتعاد عن التعليم الجماعي الذي لا يراعي الفروقات الفرديّة والخصائص والانماط التعلمية المختلفة لكل متَعَلّم. وكما يوفر البرنامج المواد اللازمة للتلاميذ المتفوقين لتحقيق الاهداف التربوية للفئات العمرية عن طريق إتاحة الامكانيات الفردية لكل متعلم كي ينتقل إلى المستوى الأعلى متى أنجز ما هو مطلوب.
على مدى اربعة ايام، خضع المشاركين لدورة تطبيقية في استخدام برنامج MAP المعتمد في اكثر من دولة في الخليج العربي وافريقيا واوروبا واميركا مما يسمح لادارات المدارس مقارنة نتائج التلاميذ مع المقاييس standardized scores في الدول المشاركة في برنامج ال MAP.
من خلال تبني هذا البرنامج، اصبحت رابطة المدارس الانجيلية شريك ل NWEA في منطقة شرق المتوسط مما يجعلها رائدة في اعتماد اساليب التقييم المتطور الذي ينعكس حتما على المستوى الاكاديمي في مدارسها ويساعد كل تلميذ على التحصيل السليم وبناء قدراته بطريقة ذاتية.
جريدة النهار – لطالما سعت رابطة المدارس الإنجيلية في لبنان لتقديم الأفضل حتى يحظى طلابها وهم من مختلف الخلفيات والطوائف بأفضل تعليم. وليكونوا دائما من بين المتميزين على مستوى المدارس وعلى مستوى الجامعات. هذا الالتزام دفع بالرابطة إلى عقد المؤتمرات التربوية كل عام وتقديم فرص التأهيل والتدريب للمدرسين والإداريين باستمرار منذ تأسيسها.
ومنذ بعض الأعوام كانت للرابطة فرصة للتعرف باختبار على درجة كبيرة من الأهمية يُعرف بالـ MAP أي Measure of Academic Progress. إنه اختبار تحصيلي أو ما يُعرف بالـ Achievement Test يقدم له الطالب 3 مرات خلال العام الدراسي.
ميزات الـ MAP هي أنه يساعد الأساتذة في سعيهم لمعرفة المعلومات والمهارات التي اكتسبها طلابهم في مختلف المراحل في مادتي الرياضيات واللغة الإنكليزية، ويتيحُ للمعلم والاهل والطالب معرفة مواطن القوة والضعف ومتابعة التطور الذي يحققه الطالب في هذه المواد خلال العام الدراسي.
اليوم ونحن على مشارف بداية العام الدراسي الجديد، وبالرغم من التحديات التي تواجه لبنان على كافة الأصعدة، سجّلت رابطة المدارس الإنجيلية إنجازًا على قدر كبير من الأهمية حيث أنها أعلنت عن التزامها البدء في تطبيق الـ MAP مع انطلاق السنة الدراسية في عشر من مدارسها، على أن يجري إعداد المدارس الأخرى تباعا في العام المقبل.
بناءا على ذلك، وفي اطار تطوير العمل التربوي في المدارس الانجيلية، وفي إطار التحضير الجدّي للبدء بتطبيق الـ MAP مع بدء العام الدراسي الحالي (2015 – 2016)، نظّمت رابطة المدارس الانجيلية في لبنان دورة تدريبية في قبرص لمدراء مدارسها حول تطبيق البرنامج وتقويم التطور الاكاديمي للطلاب من خلال الاختبار التحصيلي والذي سوف يخدم في المستقبل القريب اكثر من ٤٠٠٠ تلميذ في مختلف المناطق اللبنانية. على مدى اربعة ايام، خضع المشاركون لدورة تطبيقية في استخدام الـ MAP لا سيما أنه من الاختبارات التي يمكن تقديمها من خلال الولوج على صفحة الـمؤسسة صاحبة الاختبار الـ NWEA (North West Evaluation Association) على الانترنت. قامت بالتدريب د. باتريسيا ريدر (Patricia Reeder) وهي مستشارة في التطوير المهني ( Professional Development Consultant) لدى الـ NWEA . فكان هنالك شق تقني للتدريب حول التقديم من خلال مقاربة الـ online testing وشق تربوي حيث كان شرح لأقسام الاختبار وطريقة التنفيذ والمراقبة إلخ.، وشرح لطريقة تفسير نتيجة الاختبار ومشاركة الطلاب والأهل. ولقد استفاد المشاركون أيضا من مداخلات الأستاذ خورخي أ. نافارو وهو كبير مسؤولي الحسابات للشركاء الدوليين في جمعية نورثويست للتقييم.
من خلال تبني هذا البرنامج، أصبحت رابطة المدارس الإنجيلية شريكا للـ NWEAفي منطقة الشرق الأوسط وفي اكثر من دولة في الخليج العربي وافريقيا واوروبا واميركا. وهذا إنجاز مهم جدا في مسيرة الرابطة لأنه يفسح المجال أمام المدارس الإنجيلية أن تنضم إلى غيرها من المدارس في لبنان والمنطقة التي اعتمدت الـ MAP . إلا أن طوح الرابطة من خلال هذا الاختبار هو أن التقدم خطوة مهمة نحو إدخال ثقافة تربوية جديدة، وحض المسؤولين على التجاوب مع عصر التربية الحديثة في التعليم وتغيير الذهنيات. هذا الانجاز يثبّت التزام الرابطة أن تكون من بين الرواد في بلادنا من حيث اعتماد اساليب التعليم والتقييم المتطور، الذي ينعكس حتما على المستوى الاكاديمي في مدارسها ويساعد كل تلميذ على التحصيل السليم وبناء قدراته بطريقة ذاتية.
إن سعي رابطة المدارس الإنجيلية في استخدام الـ MAP من أجل أن يكون لديها اختبار تحصيلي مبني على أسس عالمية يعود إلى قدرته في تأمين فرصة أمام الطلاب لــ :
– بناء الثقة بالنفس ومعرفة مواطن القوة والضعف لديهم وبالتالي زيادة حظوظ تخطي الصعوبات التعلمية في المواد المختلفة عن طريق تفريد التحصيل التعلّمي (Individualizing Learning Achievements) .
– الإبتعاد عن نظام التعليم السائد في أغلب مدارسنا والذي لا يراعي الانماط التعلمية المختلفة لكل متَعَلّم.
– الإستفادة من ثقافة تعلّمية أفضل بعيدة عن رهاب الامتحانات وأنظمة التقويم التي ترتكز على الحفظ والسقوط والنجاح من خلال مجموع ما.
كما أن الاختبار يتميّز إذ أنه:
– يوفّر فرصة مهمة للتلامذة المتفوقين لتحقيق الاهداف التربوية للفئات العمرية عن طريق إتاحة الامكانيات الفردية لكل متعلم كي ينتقل إلى المستوى الأعلى متى أنجز ما هو مطلوب.
– يسمح للمدرسين وادارات المدارس بمقارنة نتائج التلاميذ مع المقاييس standardized scores لطلاب في المراحل العمرية ذاتها في بلدان أخرى.
في السنوات الأولى من تبني الـ MAP في المدارس الإنجيلية ستكون الفرصة متاحة أمام الطلاب لتحسين أدائهم وتحصيلهم في مادة اللغة الإنكليزية والرياضيات والعلوم. ولكن السعي قد بدأ أيضا ليكون هنالك اختبار تحصيلي من ضمن برنامج الـ MAP في اللغة العربية. والرابطة بدأت بدراسة كيفية تحقيق هذا الانجاز في أقرب وقت ممكن مع العلم أنه مشروع يتطلب تنسيق بين الخبراء والمسؤولين عن التربية في البلدان العربية. إلا أن هذا تحدٍ جديد يستأهل بذل الجهود لأنه يصب في إطار التزام المدارس الانجيلية احترام حق كل طفل في التعليم حسب قدراته وطاقاته. كما أنّ الرابطة يهمها أن تعلن أنه بعد 3 أشهر وبعد تدريب مكثّف سيصبح 6 من مدراء المدارس الإنجيلية في لبنان مدرّبين مرخّصين من قبل الـ NWEA للتدريب على الـ MAP في الشرق الأوسط.
إنّ الرابطة تعود وتؤكد قناعتها أنّ الأدوات التعليمية التي تنضوي تحت نمط الـ standardized testing وسيلة مهمة لنبتعد عن التعليم الذي يخوّف ويرهق الطالب من خلال امتحانات شبه تعجيزية. إذ أن هذه المقاربة أثبتت حيث يتم استخدامها أنها تعطي فرصة لكل طالب أن يبيّن مدى استيعابه وفهمه للمواد من دون اخضاعه لمشقّة الـ Essay questions والتي يكون التصحيح فيها بعيد عن الموضوعية وغير خاضع لمعايير وضعها خبراء ذوو مصداقية وبعد التدقيق العلمي.
قد يرى البعض أن الـ MAP هو ليس حلا سحريا … ورابطة المدارس الإنجيلية تعي ذلك. إنما الرابطة واثقة أنه سيحدث نقلة نوعية بين الطلاب والأهل والأساتذة نحو الأفضل حيث سيسهل عملية التعلم وعملية التعليم مما يخلق ثقافة جديدة وبيئة تعليمية أفضل لطلابنا.
إنّ برنامج الـ MAP فرصة مهمة لجميع الطلاب في لبنان ودول المنطقة لأنه من خلاله يمكن للطالب أن يحسن تحصيله العلمي. وفي الوقت عينه سيتمكن من أن ينمي قدراته في المجالات التي يميل إليها. لا بل أنّ تطبيق هذا البرنامج في المدارس سيبرهن صحة القناعة التي لدى الكثير من المربين وصانعي القرار والمسؤولين والخبراء، بأن كل طفل قادر على التعلّم شرط أن يكون المعلم يتمتع بالبتبصر والبصيرة، ويكون على استعداد لبذل الجهد الذي يتطلبه اكتشاف قدرات كل طالب على انفراد وفي كل مادة وعلى مرّ سنوات الدراسة.
إذا نحن نريد فعلا أن نزرع وننشر الثقافة التي تحترم حقوق الطفل كاملة، علينا أن نصون العلم لأنه أنجع وأفضل وأحسن وسيلة لبناء واستمرار الحضارات والتطور والعيش الكريم والتطور … إن التعليم يلعب الدور أساسي ليكون لنا عالم تُحترم فيه حقوق الانسان.
لا بد من تطوير وسائل التعليم ووسائل الاختبار. ليس مقبولا أن نجبر أولادنا على التعلم في مدارس لا تعطيهم فرصة اختيار المواد التي يودون التعمق فيها وهم يتدرجون في المراحل قبل أن يدخلوا الجامعات والمعاهد. لا بل أنّ هذا يشكّل ظلما. لا سيّما حين نكون على يقين أن الطلاب قادرون على تحقيق أفضل النتائج وأن يحلقوا عندما نشجعهم على تنمية قدراتهم وميولهم في المواد التي يختارونها.
لقد برهنت تجارب دول عدّة أنه ليس من الضروري أن نجبر طلابنا بمسارات محدّدة وعلى الخضوع لامتحانات تستنزف طاقاتهم الجسدية والمعنوية إذ تجبرهم على ملء صفحات لا تنتهي من الكتابة … بينما هم بامكانهم الابداع من خلال اساليب تعليم واختبار عصرية تستفيد من التطور التكنولوجي الى ابعد حدود.
كونه هنالك من يصنّفنا على اننا دول عالم ثالث، لا يعني أن نقبل ونرضخ لهذا التصنيف وندع قطار التطور والتغيير نحو الافضل يفوتنا. مضت سنون ونحن غارقون بتفاصيل ومشاحنات سخيفة ومصالح ضيّقة وحسابات ومآرب شخصية ونسي المسؤولون في هذه البقعة من الأرض أنه من عندنا ولدت أهم الحضارات في القديم وأبدعت وعمّرت آلاف السنين.
قد نكون دخلنا بسبب توالي الأزمات بما يشبه الغيبوبة ولكن دعونا لا ندع الوضع الراهن ينسينا أولوياتنا كتربويون. بالرغم من التحديات نحن قادرون أن نقوم بما يلزم لتبقى مكانتنا بين روّاد العالم في مجال العلم والتربية، ولنستعيد بعض الميزات التي قد نكون خسرناها.
إن العلم والتطور في التعليم وتحديث اساليب الاختبار واحترام قدرات كل طالب هي خير مسار لاعطاء الاجيال الصاعدة الفرص للابداع وإذهال العالم برؤى وأفكار ومشاريع خلاقة وسباقة. ونحن كلنا ثقة بأن وزارة التربية بكل طاقمها، لا سيما وزير التربية، دائما يهتمون بمسألة تطوير الامتحانات الرسمية وتعزيز ثقافة تربوية حضارية لا يعرف الطالب فيها خوفا من الامتحان.
إنّ المدرسة هي أوّل مكان نبدأ منه علّنا ننجح بقلب المعايير والتغيير نحو الأفضل. أملنا دائما بالاجيال الصاعدة. وهذه الاجيال لن تكسفنا شرط أن نقدم لها أفضل ما عندنا من أساليب في التعليم والاختبار … وشرط أن نكون جاهزين لكل فرصة تسمح بالتطور وتستغل التطور، لا سيما على الصعيد التكنولوجي. هدفنا كتربويون يجب أن تكون برامجنا التربوية دائما غنية أكثر من التي سبقتها وعصرية الى أبعد حدود.
نبيل قسطه
الأمين العام
المدارس الإنجيلية في لبنان