مضة أمل في هذا الزمن الصعب: حصاد حملة اليوم الوطني للتلامذة ذوي الصعوبات التعلمية في عامها العاشر إطلاق برنامج “#IDEAL” الموجَّه لذوي الصعوبات التعلمية بالتعاون بين جامعة سيدة اللويزة ومركز “سيكلد” للصعوبات التعلمية، الذي اخذ على عاتقه على مدار الأعوام الماضية محطات مفصلية من وحي المناسبة تُرجمت عملياً في نشر التوعية باتجاه تفعيل الدمج كما الحال في هذا البرنامج، وصولاً الى تعزيز خطوات استباقية للتدخل المباشر والمبكر لهؤلاء الأطفال من خلال تقويم كل حالة وقياس قدراتها مقابل تحفيز دور فاعل للأهل في دعم طفلهم.

ماذا يجري عملياً في هذا البرنامج؟ أحيت جامعة سيدة اللويزة ومركز “سيكلد” بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني ووزارة التربية في حرمها في زوق مصبح، الذكرى العاشرة لليوم الوطني للتلامذة ذوي الصعوبات التعلمية بمؤتمر تربوي كرست من خلاله أهمية عملية دمج من خلال برنامج لذوي الصعوبات التعلمية الخفيفة والمتوسطة في البيئة الطالبية والاجتماعية في الجامعة.

قبل عرض تفاصيل عن المؤتمر، لا بد من التوقف عند عنوانه “لازم نعرف”، الذي تحول الى محاولة مد جسور بين تجارب عدة في تطبيق عملية الدمج بين القطاعين الرسمي والخاص، أظهرت تفاوتاً ملحوظاً في المستوى وآليات التطبيق في المدارس الرسمية والخاصة، والجامعات كجامعة القديس يوسف، والجامعة الأميركية في بيروت والجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا.

التحقت جامعة سيدة اللويزة بتطبيق منظومة الدمج من خلال برنامج Ideal، بالتعاون مع مركز “سيكلد”، وهو وفقاً لما ذكر رئيس الجامعة الأب بشارة الخوري لـ “النهار”، يجسد “مبادرة مفعمة بالأمل في ظل الأزمة الخانقة وغير المسبوقة في لبنان، وتكرس رسالة جامعاتنا الساعية دوماً لإعطاء فرص تعليم متساوية بين أبناء مجتمعنا وعلى رأسهم ذوو الصعوبات التعلمية أو أصحاب الهمم كما يحلو لنا تسميتهم”.

وشدد على “تطبيق عملية الدمج بحذافيرها في الجامعة من خلال البرنامج نفسه وانصهار المنتسبين اليه في الحياة الاجتماعية والطالبية لتتعزز فيهم الثقة بالذات وروح الاستقلالية وتطوير مهاراتهم الكلامية والخطابية والحياتية”.

بدوره، قال منسق اليوم الوطني للتلامذة ذوي الصعوبات التعلمية نبيل قسطه لـ”النهار”: “إننا نتطلع الى دفع الأمور في اتجاه إقرار التشريعات لذوي الصعوبات التعلمية”، مشيرا الى “أننا نتطلع ايضا الى تشكيل هيئة وطنية لهم تضم القطاعين الخاص والرسمي، وأهمها وزارات الصحة والتربية والشؤون الاجتماعية”.

واعتبر أن “انفتاحنا على التجارب الأجنبية في أوروبا وأميركا الشمالية ساهم في تأسيس مركز سيكلد، وتبعه إعداد هذا البرنامج مع جامعة سيدة اللويزة، والذي قد يتوسع الى جامعات أخرى”، لافتاً الى “أننا نجسد من خلاله المساواة في فرص التعليم من خلال تطبيق الدمج بين أبناء مجتمعنا، ولاسيما في ظل هذا الانكماش الاقتصادي لنذكّر بأن الدمج هو حق وليس شفقة”.

وأكدت مديرة برنامج IDEALفي الجامعة لمى بدوي لـ “النهار” أن 8 شبان وشابة من ذوي الصعوبات التعلمية انتسبوا في أيلول الماضي الى السنة الدراسية الأولى من هذا البرنامج الممتد لسنتين، على أن ينال المنتسبون اليه إفادة بالحصص المتابعة من كل منهم مع تأمين فرصة الانتساب الى فترة “ستاج” أي تدريب وهو من أساسيات البرنامج.

وحددت الفئات التي يمكن أن تنتسب الى البرنامج، وهي الحالات الخفيفة والمتوسطة من ذوي الصعوبات التعلمية، الذين يمتلكون مهارات الكتابة والقراءة، مشيرة الى “إمكان استيعاب حالات اضطراب طيف التوحد وذوي التحديات الذهنية في البرنامج، مع العلم أن المنتسبين يخضعون جميعا لمقابلة وتقويم من الفريق المتخصص لقدراتهم الذهنية واطلاعنا على علامات تحصيلهم المدرسي قبل انخراطهم في البرنامج”.

تتوزع الدراسة، وفقاً لبدوي، في السنة الأولى على تطوير المهارات المهنية للطالب من خلال انتسابه للعمل في مكتبة الجامعة أو الكافيتيريا أو حتى في مكاتب التسجيل والبريد فيها أو شؤون الطلاب، بهدف تطوير وسائل التواصل مع محيطه وزيادة ثقته بنفسه وبالآخرين، فيما ترتكز السنة الثانية من البرنامج على انخراطه في سوق العمل من خلال خضوعه لفترة تدريب في بعض المؤسسات علها تساعده على إيجاد فرصة عمل.

في المنهج الدراسي، ذكرت بدوي أن التلميذ يتابع ثلاث حصص خاصة من برنامجه بإشراف مربين متخصصين بالتربية التقويمية، إضافة الى اختيارهم حصة جامعية لدمجهم مع رفاقهم، وهي تشمل اختيار مادة من المواد العامة التي يتابعها الطلاب خلال دراستهم الجامعية، ومنها في كل من اللغة الإنكليزية أو علوم الحساب والتكنولوجيا وعلم النفس وسواها، إضافة الى انخراطهم في الحياة الطالبية والاجتماعية والرياضية سواسية مع الطلاب كلهم.

وشددت على القيمة المضافة للبرنامج، الذي يراعي معايير الدمج في الحرم نفسه بين هذه الفئة والأسرة الجامعية كلها مع أهمية صقل مهاراتهم وميلهم الى الاستقلالية في التصرف وبناء قدراتهم للتفاعل مع بيئتهم والبيئة العامة المحيطة بهم.

وعن سبل مواجهة الصعوبات المالية، التي يواجهها بعض الطلاب في تغطية مصاريف الدراسة في هذا البرنامج، أعلنت بدوي أن الجامعة عمدت الى تنظيم العشاء الداعم للبرنامج، الخميس 28 من الجاري (اليوم) برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في كازينو لبنان لتأسيس صندوق دعم لتغطية النفقات السنوية لهذه الفئة من الطلاب المحتاجين الى مساعدة مالية لدفع القسط الدراسي، مشيرة الى “أننا حرصنا أيضاً على تنظيم برنامج زمالة بين طلاب الجامعة ومنهم المتخصصون بعلم النفس مثلاً، الذين يتطوعون لمواكبة ذوي الصعوبات التعلمية، لنتأكد من تحقيق أهمية الدمج بين الفئتين، مع التشديد على أنهم يحظون أيضاً بفرصة “ستاج” أو تدريب عملي في تخصصهم داخل حرم الجامعة”.

ورداً على سؤال عن السبل المتاحة لمساعدة ذوي الصعوبات التعلمية للوصول الى التعلم الجامعي، ذكرت منسقة مجموعة “Parents to Parents” في مركز “سيكلد” بيتي معماري لـ”النهار” أن المجموعة انطلقت قبل ثلاثة أعوام ومهمتها التشبيك بين أهالي ذوي الصعوبات التعلمية وتبادل الخبرات والشهادات في ما بينهم لتقبل طفلهم، مشيرة الى أن عمل هذه المجموعة تزامن قبل بدء جائحة كورونا والأزمة الحالية، ما فتح فرصاً لمساندة الأهالي من خلال تنظيم لقاءات لتبادل خبراتهم وخلق صداقات في ما بينهم وبين أبنائهم وبناتهم من ذوي الصعوبات التعلمية بهدف مساندتهم لقبول طفلهم، ما قد يخلق حوافز مهمة لإكمال دراسته وصولاً الى التعليم الجامعي…